المقدّمة
لماذا ننصرف عن إنجاز عمل مهم … في اللحظة التي نكون فيها بأشدّ الحاجة لإنجازه؟
أحيانًا، لا تحتاج سوى إلى عشر دقائق لإنهاء مهمة ما. لكن بدلًا من ذلك… تجد نفسك تقف أمام الثلاجة، أو تفتح فيديو عشوائي، أو تبحث عن معلومة لا علاقة لها بما تعمل عليه.
لماذا يحدث ذلك؟ هل هذا ضعف؟ كسل؟ هروب؟ ميــكانزم للتعايش مع ضغط ما؟ أم أن هناك شيئًا آخر؟
ذات مرّة، كنت أراجع خطة استراتيجية شخصية لقائد فريق تقني وأثناء ذلك، احتجت للبحث والتأكد من أمر ما للتحقق من مناسبة الخطة لمرحلته الحالية، لكن تشتت تركيزي عن المهمة الأساسية فانتقلت من مقال لآخر حتى وصلت لمقال بعنوان “لا يوجد شيء اسمه دماغ كسول.”
“There’s No Such Thing as a ‘Slow’ or ‘Lazy’ Brain”
فتحت الرابط… ثم تابعت مصدره… ثم شاهدت مقطعًا من بودكاست عن عمل القشرة الجبهية للدماغ
ما الذي حدث بعدها؟ ربما تكون الإجابة غريبة، عدتُ إلى الخطة وأنا أقترح فيها بعض التعديلات المهمة وكأني شخص آخر!
الانشغال العابر الذي “شتّتني” فتح زاوية جديدة كنت أبحث عنها دون أن أدري.. زاوية غيّرت أجزاء مهمة من الخطة بالكامل. هل هذا يعني أن كل تشتّت مفيد؟ بالطبع لا.
لكن… هل بعض التشتّت يمكن أن يكون مفيدًا؟ أو حتى خيطًا يقودنا لأصل المشكلة كما ستعرف بنهاية المقال.
في علم الأعصاب، يُقال إن الدماغ لا يتحمّل “الفراغ المعرفي”، حين يجد فجوة في الفهم… يبحث عن أي شيء يسدها.
هل يمكن أن يكون تشتّتك مجرّد محاولة لفهم شيء ما لم تكتمل أجزاؤه لديك بعد؟ ربما ..
ليس كل تشتت ضار .. ابحث عن الأثر أولاً!
كيف تميز الضار من النافع؟ يمكنك ذلك من خلال الأثر الذي يحدثه التشتت في حياتك
أحيانًا يأتيك التشتت برسالة تُخبرك بشيءٍ لم تفهمه بعد.. قد تكون رسالته:
- أنك تمشي في طريق لا يشبهك…
- أو أن ما تعمل عليه لا يهمك فعلًا، بل فُرض عليك…
- أو أن هناك سؤالًا لم تُجِب عنه بعد، فظهر لك في صورة إلهاء متكرر.
- بل أحيانًا… يأتي التشتّت كـ آلية بقاء!
حين يزداد الضغط… حين تُدفَن مشاعرك تحت جدول مزدحم ومهام متلاحقة، حين لا تملك مساحة للتنفّس أو للراحة أو للصدق مع نفسك… يلجأ عقلك للهرب إلى ما هو أسهل:
- فيديو قصير.
- إشعار
- اندفاع لشراء منتجات وأشياء لست بحاجة ليها!
ولتتضح لك الصورة تخيل أنك تفتح بريدك الإلكتروني كل 10 دقائق أثناء إعداد عرض تقديمي مهم.

قد تظنّ في البداية أن هذا التشتت سيء، لكن بعد التأمل، قد تكتشف أن هذا التشتت هو طريقتك للهروب من مواجهة قلق داخلي أو خوف من أن يتم تقييمك بشكل سلبي أو أن لا تكون جاهزًا كفاية.
وحينها تكتشف أن التشتت لم يكن هربًا من المهمة، بل من القلق الذي تحمله هذه المهمة وما وراءها.
ما الذي يعنيه هذا حينها؟
يعني أن عليك أن تتعامل مع جذر المشكلة وهو الشعور بالقلق لا التشتت نفسه حتى تتمكن من التوقف عن التشتت.
هل اتضحت لك الصورة؟
✍️ الآن دورك.. فكر كم مرة ساعدك التشتّت من قبل في الوصول لفكرة أو لحل؟ أو كان متنفسًا للهروب من ضغط ما في يوم من الأيام؟





